April 30th 2020
Interview
ARABIC
كمال الجعفري: الفساد السياسيّ أوصلنا إلى الفساد السينمائيّ في فلسطين
على الحياة أن تُعطَّل كي تُكشَف من جديد"، بهذه العبارة يفتتح المخرج كمال الجعفري أحدث أفلامه "صيف غير عادي"، المشارك في المهرجان السينمائيّ السويسريّ "Vision du Reel" المنعقد هذه الأيّام، ضمن مسابقة "أضواء حارقة" المخصّصة وفق تعريف المهرجان "للمفردات السينمائيّة الجديدة على مستوى البحث والتعبير السرديّ والتجريب". عثر الجعفري على تسجيلات كاميرا مراقبة، وضعها والده في صيف عام 2006 على باب المنزل في الرملة، محاولًا الإمساك بشخص كسر زجاج سيّارة العائلة. في نفس الصيف أمطرت السماء، ولاحت فيها طائرات إسرائيليّة لقصف بيروت، هو صيف غير عاديّ بامتياز، لكن ما شكّل سرديّة الفيلم تفاصيل دقيقة لحارة "الجيتو" كما تُسمّى، لشخصيّات بَنَت سرديّتها أمام الكاميرا دون أن تعلم ذلك.
لمحاورة الجعفري، توجّهت إلى بيته في منطقة كرويزبرغ في مدينة برلين، مكان إقامته منذ سنوات عدّة. على طاولته مجموعة أفلام كوداك16 ملم، من خلفه وعلى حائط ناصع البياض، يطلّ من ملصق معلّق المخرج الفرنسيّ روبرت بريسون خلف أغصان أشجار كثيفة، ومكتبة سينمائيّة كبيرة تفتح لك ذراعيها لدى دخولك صالون البيت.
الجعفري خرّيج أكاديميّة فنون الميديا في كولون، ومحاضر درّس في "جامعة هارفاد" و"The New School" في نيويورك، وفي معاهد عالميّة كثيرة. نشأ بين الرملة ويافا اللتين شكّلتا مدماكًا مهمًّا في إنتاجه السينمائيّ، الّذي أعاد تأويل المكان والذاكرة، بإدراك كبير لفلسفة الصورة والقوّة الكامنة في الوسيط السينمائيّ، لبناء سرديّة بصريّة متفرّدة فلسطينيًّا، وباستطاعتها مخاطبة العالم في الوقت ذاته.
ما معنى أن تزيل ممثّلين إسرائيليّين من أفلامهم وتستخدمها؟ كيف يُصنع فيلم طويل من كاميرا مراقبة مثبّتة في حارة فلسطينيّة داخل إسرائيل؟ وما علاقة الأرقام الّتي تأخذها في دوائر الهجرة في ألمانيا بنظريّة النشوء والارتقاء؟ أسئلة تبدو غريبة للغاية، وللإجابة عنها كان لفُسْحَة – ثقافيّة فلسطينيّة هذا الحوار مع كمال الجعفري، لتعرُّف عالمه الإبداعيّ، ومجازفاته السينمائيّة، ومواقفه الواضحة من صناعة السينما الفلسطينيّة ومآزقها.
فُسْحَة: في "صيف غير عادي" ثمّة عنصران بصريّان متصارعان طوال الوقت على الشاشة: الكاميرا الثابتة وزاوية التصوير الواحدة من جهة، والحركة الدائمة في السرد البصريّ من خلال شخصيّات حارتك في الرملة، والعناوين المقتضبة خلال الفيلم من جهة أخرى؛ كيف صنعت هذا الفيلم؟ وما اعتباراتك السرديّة فيه؟
كمال: في طبيعة الحال، أوّل ما سيفعله شخص يحصل على مادّة كهذه أن يعاينها ويشاهدها. في البداية كنت معنيًّا بالفعل بمعرفة الشخص الّذي كسر زجاج سيّارتنا، ثمّة صعوبة في أن تراقب كلّ شيء يحدث: الكاميرا تصوّر24 ساعة متكاملة، والجهاز نفسه لا يتّسع لموادّ كثيرة، ويقفز أحيانًا عن بعض اللحظات والـ "فريمات". في المرحلة الأولى دوّنت ملاحظات مكتوبة رغبة في التحرّي وراء مَنْ كسر الشبّاك، وتدريجيًّا أخذتني المادّة إلى أماكن لم أتوقّعها لشخصيّات كثيرة من طفولتي، خذ بالاعتبار أنّها نفس الزاوية الّتي كنت أراها عندما أفتح باب الدار، ثمّة كثير من الرمزيّة إلى درجة ألّا تتوقّع أن تجد مادّة كهذه، وجدت كنزًا! وعمليًّا هذه الملاحظات وصلت إلى ما يقارب 150 صفحة، وساعدتني في بناء هيكليّة الفيلم، بدأت سرديًّا بسؤال بسيط: مَنْ حطّم زجاج السيّارة؟ أنا محظوظ في هذا الفيلم، لوجود مؤسّسات دعم أفلام تعرف شغلي ولديها ثقة باسمي؛ فلم تكن ثمّة حاجة إلى أن أبني الفيلم على الورق قبل صنعه. كانت الفكرة جذّابة لكثيرين، وسمح لي الأمر أن أكون حرًّا ببناء الفيلم، من خلال سرديّة معيّنة تحكي عن المكان، وعن الشخصيّات، وعن أشياء كثيرة أخرى أبعد منها.
فُسْحَة: ألا تخاف من فكرة إخراج فيلم مدّته ساعة، تكون الكاميرا فيه ثابتة؟ بمعنًى آخر؛ هل كنت تفكّر في المُشاهد؟
كمال: أغلب الناس الّذين شاركتهم فكرة الفيلم كانوا متأكّدين أنّه فيلم قصير، ويستغربون عندما أفاجئهم بأنّه طويل، كانوا مصدومين (يقولها مبتسمًا)، كان لديّ قناعة قويّة، ولم أشكّ في إمكانيّة تحويل المادّة إلى فيلم طويل، لوجود تفاصيل ومشاعر أنا متأكّد من قيمتها الفنّيّة والسينمائيّة، وهذه أوّل قناعة يجب أن تكون لديك لأيّ عمل؛ أن تكون مقتنعًا بما تعنيه لك المادّة وعلاقتك بها. بالتأكيد لا أتحدّث هنا عن طريقة كتابة فنّ أو صناعته تكترث بردّ فعل المتلقّي أو إحساسه. تبدأ الفكرة بقناعتك وإحساسك بالنسبة إلى المادّة، هذه المادّة تعني لي الكثير، ولخّصَت الوجود الفلسطينيّ في حارة اسمها "الجيتو"، وجود لم ينظر إليه أحد، رمزيّة المادّة في الناس الّذين مرّوا في الشارع وفرضوا أنفسهم شخصيّات رئيسيّة، وهذا ما جعلني أفكّر في أنّه لا توجد لقطة جيّدة وأخرى غير جيّدة؛ كلّ اللقطات جيّدة! هذا الأمر محفّز وصعب معًا، من أين أبدأ؟ من خلال مشاهدة أهلي، وبعض الشخصيّات الّتي مرّت وكان لي قصص معها وتعني لي شعوريًّا. بدأت بالتدريج بناء الهيكليّة الّتي تحوّلت إلى تجربة بصريّة وسمعيّة للمشاهدة، وعملت على المونتاج لمدّة أكثر من سنة، وخلال العمل كنت أجرّب على أشخاص حولي أن يشاهدوا الموادّ، إلى أن وصلت إلى هذه الصيغة القريبة إليّ، الّتي من الممكن أن يتفاعل معها آخرون غيري، وهذه هي الصعوبة؛ أن تتواصل مع نفسك ومع أيّ مشاهد متخيّل دون أن تكون لديك فكرة مَنْ هو المشاهد؛ فلا يوجد أصلًا نوع مشاهد واحد. إنّ عمليّة التحرّي والتحقيق مهمّة لأنّها تخلق الرغبة في المشاهدة.
فُسْحَة: في استرجاع لكلّ أفلامك منذ أوّل فيلم طويل "السطح" (2006)، ثمّة شعور بأنّك تُسدّد دينًا، وأنّ الحساب ما زال مفتوحًا مع الذاكرة، بكلّ فيلم يظهر ذلك بطريقة معيّنة، ويتطوّر بأشكال تزداد شاعريّة. إذا أردتك أن تضع الذاكرة في مقامٍ ما بالنسبة إلى السينما الّتي تصنعها؛ فما مكانها؟
كمال: تعريفك للذاكرة في عملي جميل؛ لأنّه بالفعل ثمّة حساب مفتوح، بمفهوم أنّ لديّ مشاريع كثيرة لها علاقة بالذاكرة، وأنا أسدّد هذا الحساب تدريجيًّا. أنا بالطبع لا أقرّر أنّني سأصنع فيلمًا عن الذاكرة، الأشياء لا تحدث بهذا الشكل، عمليًّا المواضيع نفسها تعثر عليك إن كنت مستعدًّا للتلقّي. ثمّة عمليّة تركيز معيّنة وحالة نفسيّة فنّيّة، وتأتي التداعيات من جوانب عدّة، لتفتح لك أفقًا جديدًا، وطريقًا أنا أحفر فيها لأبني لغة سينمائيّة تكون متجانسة مع المادّة البصريّة.
فُسْحَة: في أفلامك الأولى، يظهر أنّ كلّ فيلم كان قد حمل بداخله جنين الفيلم القادم. إذا عدت لفيلم "السطح" وهو بداية أفلامك الطويلة، عندما شرعت العمل فيه، هل كان لديك هاجس في أن تخلق لغة سينمائيّة ذات ملامح معيّنة؟
كمال: ما أحبّه في شغل الأفلام، أنّك إن كنت مهيّأً للمجازفة فبإمكان الفيلم أن يأخذك إلى أماكن بعيدة فيه، مثلًا فيلم "السطح" كان مشروعًا أوّليًّا عن تجربة اعتقالي، عندما كنت طالبًا في الثانويّة أثناء الانتفاضة الأولى، وتَموَّل من "القناة الثانية" الألمانيّة بعد انتهاء دراستي في كولون، وتيقّنت أنّ موضوع السجن ما هو إلّا إطار رمزيّ للرجوع إلى المكان الأوّل؛ بيت عائلتي في الرملة، وبيت جدّي وجدّتي من جهة أمّي في يافا. كان الفيلم رجوعًا إلى تلك الأمكنة ولملمة مشاهد منها، ومحاولة لبناء فيلم، كنت أصوّر دون ضمانات بأنّه سيخرج فيلمًا.
فُسْحَة: في "السطح" مثلًا غير نفَس: نفَس ساخر يتجلّى مثلًا في مشهد تبحث فيه عن أكياس سكّر، فتجد عليها صورة قادة الحركة الصهيونيّة، ونفَس واقعيّ وثائقيّ في بعض الأحيان لتصوير المكان والشخصيّات. وفي أحيان كثيرة ثمّة شاعريّة في تصوير العائلة في البيت، والسطح نفسه الّذي يرمز إلى الماضي، وإلى عائلة هُجّرت أرادت أن تبني عليه بيتًا قبل النكبة.
كمال: إن أردت فهو فيلم يعبّر عن انطباعاتي الشخصيّة، ويعبّر عن الزيارة الّتي قمت بها إلى المكان، وأكثر من 95% ممّا تراه على الشاشة لم يكن موجودًا في معالجة الفيلم. هذه الحرّيّة واستعدادك للمجازفة قد يضعك في مأزق. لم ترُق المادّة مسؤول التحرير في التلفزيون الألمانيّ، ولم تلائم توقّعاته وما تخيّله عن فلسطين، وحاولوا فرض كليشيهات على الفيلم، حتّى أنّه في مرّة قال لي: "تبدو عائلتك إيطاليّة، لا تبدو فلسطينيّة، ثمّة الكثير من الصمت في البيت!". حاولوا إيقافي واضطررت إلى سرقة المادّة لأكمل الفيلم على طريقتي، رُفعت عليّ قضيّة في المحكمة، ومنذ ذلك الحين تعلّمت الدرس الأهمّ وهو أن أكون مستقلًّا، وأنتجت كلّ أفلامي بعد "السطح". هذه الطريق ليست سهلة أبدًا؛ لأنّك ستقوم بعمل مُنتج أيضًا، لكنّ هذين العملين متداخلان، وسمحا لي أن أذهب في اتّجاهات لم يكن من الممكن أن أتّخذها؛ في فيلمي الأخير مثلًا، 80% منه كان جاهزًا، قبل أن أحصل على أيّ تمويل، هذه الطريقة أقرب في طبيعتها إلى عمل رسّام أو كاتب، فيها الكثير من الحرّيّة والاستقلاليّة، مع العلم أنّ ميزانيّة المشروع ليست كبيرة جدًّا لأنّ المادّة موجودة، وفي نفس الوقت أفضّل المجازفة، ولا أنتظر الصندوق ليعطيني التمويل لأبدأ، وهذا يسمح لي أن أستمرّ بالعمل دون الارتهان لمنظومة صناعة الأفلام. ابدأ بالخطوة الأولى مستقلًّا، وعندما ترى الناس نتيجة جيّدة، تكون إمكانيّتك للاستمرار أكبر.
فُسْحَة: فيلم "ميناء الذاكرة" (2010) كان تصويرًا لمدينة تندثر وعقارات تُنهَب بحجج التطوير، وعائلة تحارِب لإبقاء البيت والذاكرة في حوزتها. أرى في بيتك هنا مجموعة شرائط أفلام16 ملم؛ ما السبب وراء تصوير "ميناء الذاكرة" بكاميرا 16 ملم؟
كمال: كان لاعتباراتي علاقة برغبتي في استعمال الكاميرا لتصوير شخصيّات وأمكنة بطريقة توقف الوقت؛ بمفهوم أنّه ثمّة شيء في كاميرا الـ 16 ملم، عندما تصوّر حائطًا أو شخصًا يُكسبهما أهمّيّة أكبر... عندما تستطيع أن تلمس بيديك المادّة الخامّ، أن تلمس بيديك الفيلم! كانت تجربة مميّزة لأنّها تجبرك على التركيز بشكل مختلف عن التصوير بكاميرا عاديّة، لها سلبيّاتها وإيجابيّاتها، يجب أن تكون جاهزًا وأن تصوّر بالضبط بالطريقة الّتي تنويها، وتختار الساعات الملائمة لذلك، وأغلبيّة المَشاهد لم تكن مكتوبة، ويصبح تحدّيًا أن تصنع الفيلم وقت التصوير.
فُسْحَة: هل وجّهت الشخصيّات الوثائقيّة فيه؟ كيف اشتغلت؟ إعادة أداء؟
كمال: ثمّة توجيه ما لكن له قوانينه، لا يمكن أن أوجّه أحدًا مثل خالتي، وأخترع قصّة أن تغسل يديها بالطريقة المكثّفة الّتي ظهرت بها، هذه هي طريقتها، كنت ألملم مشاهد متفرّقة، وحصلت مواقف في أثناء التصوير، وبالفعل أتت إلى البيت امرأة إسرائيليّة وسألت إن كنّا معنيّين ببيع العقار، ناديتها وشرحت لها أنّي أصوّر فيلمًا، وطلبت منها أن تُعيد سؤالها أمام الكاميرا لكنّها رفضت، فبحثت عن امرأة إسرائيليّة أخرى وأحضرتها وسألت نفس الأسئلة. في هذا اليوم كانت أمّي في المنزل مع جدّتي، وتشاجرت مع المرأة الّتي مثّلت الدور، وقالت لها: ألا ترين أنّنا نسكن هنا ولا نريد أن نبيع؟ وابتدأنا بشرح الموقف لأمّي؛ فهنا تُدرك كم أنّ الواقع والخيال متداخلان! وهذا هو التحدّي، ومن الجيّد أن تعمل في فيلم وأنت مستعدّ للذهاب في اتّجاهات جديدة، لكن في نفس الوقت يخلق صعوبات ما، وأذكر أنّ مساعد المصوّر كان يتساءل: ما هذا الفيلم؟ ماذا سيكون؟ يمكن أن يشكّ الناس من حولك، ويجب أن تتحلّى بدرجة معيّنة من التخيّل والقناعة بأن تعبّر عمّا تريده، تمامًا كشخص مقتنع بأنّه يرى شعرًا في خمس جُمل أمامه، قد تبدو غير مترابطة، لكنّه قادر على رؤية الشعر الّذي فيها.
فُسْحَة: تكمن قوّة السينما في تأويلاتها لما نراه. في "ميناء الذاكرة" و"السطح" وجود التلفزيون مركزيّ، وثمّة وسيط بصريّ "السينما" يتحدّث عن وسيط بصريّ آخر "التلفزيون". لقد خلقت مشاهد فيها الكثير من المفارقة، كقطّة تجلس فوق شاشة فيها فيلم "المسيح"، أو شاشة فيها تشيك نوريس يفجّر بناية في بيروت، وهي صُوّرت في يافا في فيلم "دلتا فورس 1"؛ لماذا كان مهمًّا لك أن تصوّر تلك المشاهد؟
كمال: الاهتمام بتصوير التلفزيون آتٍ من مراقبة وتأمّل لأشياء أراها في البيت، لم يكن لديّ تلفزيون طوال حياتي، لكن عند عودتي لعائلتي ولعائلات أخرى يؤدّي التلفزيون دورًا كبيرًا. تحديدًا في فيلم "ميناء الذاكرة" ساعدتني الأصوات الخارجة من شاشة التلفزيون في بناء الصوت المرافق للفيلم. كلّ المشاهد الّتي تراها، مثل مشاهد المسيح أو قناة الأعراس الّتي تشاهدها خالتي بهوس معيّن، لديّ تأويلات لها متعلّقة بالصورة بشكل عامّ، وتحوّل الناس إلى روبوت. معظم ما نفعله من طقوس في حياتنا أوتوماتيكيّ.
فُسْحَة: لديّ شعور بأنّ التركيز على التفاصيل اليوميّة في "ميناء الذاكرة" لخالة ترتّب شرشفًا، أو جدّة تتناول الأدوية وتشاهد التلفاز، هو نوع من التحدّي للسرديّة الوطنيّة الكبرى، الّتي تُملى علينا نحن الفلسطينيّين أحيانًا...
كمال: في رأيي هذه هي السرديّة الكبرى، الحياة اليوميّة للناس وكيف يعيشونها؛ هذا هو التواصل مع الإنسان أينما كان، سواء في يافا أو في الأرجنتين. إنّ دور الفنّ أن يعطي تأويلًا لعيشِنا، ولا أعني بالمفهوم الوثائقيّ، ولم أعرّف نفسي يومًا فنّانًا وثائقيًّا. أنا أمارس الحرّيّة التامّة بالتعامل مع المادّة البصريّة، لديّ رغبة في أن أصنع الأفلام كما أتخيّلها، وليس كما تتعلّم أن تصنعها. كنت محظوظًا بأنّي درست في أكاديميّة للفنون في كولون، ولم تكن معهدًا للسينما بالشكل التقليديّ، وليس فيها إخراج سينمائيّ. لم أتعلّم إخراجًا سينمائيًّا، حضرت حصص فنون وموسيقى وتاريخ السينما، وكان آنذاك مدير الأكاديميّة أكاديميًّا وفيلسوفًا ألمانيًّا معروفًا هو زيجفيرد زيلنسكي، وهو مَنْ أسّس المدرسة، وقد كانت مدرسة للفنون التشكيليّة، وكانت فكرته تحويلها إلى فنون الميديا، وأحضر فنّانين كثرًا منهم زبيكنيف ريبجنسكي، وهو عبقريّ مؤثّرات بصريّة، عمل في هوليوود وفاز بجائزة "أوسكار" لفيلمه القصير "تانجو"، كان مبتكرًا سينمائيًّا. كان في المعهد حرّيّة كاملة دون منهج محدّد وصارم، درّس فيه ديفيد لارتشر من مؤسّسي "الطلائعيّة السينمائيّة" في لندن في السبعينات، كان يعيش في المكتب ومختبر السينما، حتّى أنّنا كنّا نجده يعمل في ساعات الفجر على إعادة مونتاج أفلام قديمة له. وأصبح مدير المدرسة في ما بعد أنتوني مور، الّذي ألّف أغاني لـ "بينك فلويد"؛ هذه البيئة سمحت لي أن أكون مَنْ أنا اليوم، وعرّفتني الكثير من الفنون.
فُسْحَة: على مستوى السينمائيّين أو المنظّرين؛ مَنْ أثّر فيك في كيفيّة التعامل مع الصورة؟
كمال: الأمر تراكميّ؛ منذ دراستي في "الجامعة العبريّة" في القدس أعلم أنّ السينما شيء أحبّ أن أمارسه، وكنت أنشد شاعريّة معيّنة، وجدتها حينذاك في كتابات لوركا الّتي فيها تعبير فنّيّ لمكان وقصص، جعلني أستطيع أن أصنع أفلامًا في ما بعد. للأمر علاقة بالتجربة الشخصيّة، حين وصلت إلى مدينة كولون الألمانيّة، ولم أفهم في السنة الأولى من الدراسة ما يُحكى حولي، تحفّزت للتعمّق أكثر في الأشياء، وأقرأ مثلًا نصوصًا بالألمانيّة لفالتر بنيامين عن موضوع إعادة إنتاج الفنون، وكورسات تعريف عن السينما التجريبيّة. وقد أحضر أنتوني مور، مدير المدرسة الفنّيّة، أناسًا من عالم الموسيقى التجريبيّة؛ فكانت الحالة وقتئذٍ كلّها تجريبيّة في أوج فترة التجريب في الميديا في التسعينات. اليوم عدنا إلى الوراء، لا يوجد الكثير من التجريب، وإذا وُجد فهو يحاكي تلك الفترة. لم أستوعب كلّ هذه الأشياء آنذاك؛ فالأمر تراكميّ كما ذكرت. ابتدأت في فترة ما أراجع منظّرين وكتّابًا مثل رودولف آرنهايم، الّذي يتناول سيكولوجيّة الصورة، وجون بيرغر الّذي يعاين الصورة بنظرة نقديّة. تتآلف هذه المرجعيّات كلّها بشكل عضويّ متراكم، في كلّ مرحلة لديك اهتمامات مختلفة. حين صوّرت فيلم "السطح" كان لديّ اهتمام كبير بشغل مخرجين إيطاليّين في الواقعيّة الجديدة، مثل دي سيكا وأنطونيوني، وكانت تعبّر عن حالة معيّنة ساعدتني. لم أكن أتخيّل في مرحلة البداية أنّي سأصنع أفلامًا مثل "استعادة" أو "صيف غير عادي"، مع أنّها أقرب في الشكل إلى ما كان من المفترض أن أصنعه خلال دراستي.
[في فيلم "استعادة" جمّع الجعفري كمًّا هائلًا من الأفلام الإسرائيليّة، الّتي صُوّرت بين الستّينات والثمانينات، والّتي عُرفت بـ "أفلام البوريكس" واتّخذت يافا مكانًا لها، وحذف الممثّلين الإسرائيليّين ليكتشف في الخلفيّة أشباحًا؛ أهل يافا أنفسهم الّذين تعرّف عليهم في نهاية الفيلم، ومدينة تُولد من جديد من قلب الأرشيف الإسرائيليّ].
فُسْحَة: في إحدى ورشاتك، ذكرت أنّ السينما عبارة عن بلد تقوم ببنائها، وفعلت ذلك في فيلم "استعادة" (2015)، وكانت نواته في "ميناء الذاكرة" في أحد المشاهد، الّتي تظهر من الفيلم الإسرائيليّ السبعيناتيّ الشهير "كازابلان"، وفيه مقطع الممثّل والمغنّي يهورام غاؤون يغنّي في يافا وأشواقه إلى وطنه البعيد. حدّثني عن علاقتك بسرديّته، وكيف تحوّلت إلى فيلم كامل.
كمال: الغريب هو ارتباط المأساة الفلسطينيّة بالمأساة اليهوديّة؛ فعندما يغنّي غاؤون عن شوقه إلى البيت وراء البحر، يقصد بيته في المغرب. أمّا فيلم "كازابلان" ففيلم مريض جدًّا، يدّعي أنّ يافا بيت لكلّ الإسرائيليّين الّذين تجمّعوا، ومن ناحية أخرى يشتاق اليهوديّ فجأةً إلى بيته في المغرب. وأنا أستمع للأغنية، تذكّرت حادثة حصلت لي أيّام المدرسة في يافا في حصص العبريّة، عندما كانت مُدرّسة إسرائيليّة تعلّمنا أشعارًا صهيونيّة لشعراء مثل بياليك وراحيل، وفي أحد الأيّام يبدو أنّها انتابها إحساس بالذنب كيف تُعلّم هؤلاء الطلّاب العرب شعرًا صهيونيًّا، ولكي تقرّبه إلينا، قالت إنّ بياليك يتحدّث عن التحرّر الوطنيّ تمامًا كما هو الوضع عندكم! فجأة يصبح كلٌّ من راحيل وبياليك شاعرَيك بشكل غريب وهما مستعمراك. أعود إلى مشهد غاؤون لأقول إنّ هذه الأغنية أغنيتي أيضًا. ولا شكّ في أنّ التداخل بين الرواية اليهوديّة والفلسطينيّة تداخل رهيب، ويشكّل تحدّيًا في كيفيّة التعامل معه؛ أترفضه مطلقًا أم تتعامل معه؟ قرّرت أن آخذه وأستعمله مع كلّ السخرية الكامنة في الأمر. عندما طلبت سكّرًا لقهوتي في فيلم "السطح"، وجدت أكياس سكّر صغيرة عليها صور قادة الحركة الصهيونيّة، بينها شخصيّات يهوديّة ومنهم آينشتاين؛ أأرميها أم أستخدمها في فيلمي الآن؟ يتعلّق ذلك بكيفيّة تطويع المَشاهد والنصوص للتعبير عن أنفسنا، وتحويلها إلى موادّ لنا خاصّة بنا.
فُسْحَة: تعاملك مع يافا بصريًّا متفرّد فلسطينيًّا، هو تداخل مخرج مع مدينة، كتداخل سينما إيليا سليمان مع الناصرة مثلًا؛ هل ما صنعتَه في يافا تشعر بأنّه ينطبق على مدن أخرى؟
كمال: في الفترة الّتي كنت أزور فيها حيفا لمست فيها شاعريّة معيّنة، أحبّ تصوير المدن الفلسطينيّة، لكنّ ليافا جانبًا مؤثّرًا في طفولتي، ومنها مَشاهد مطبوعة في ذاكرتي، والتصوير له علاقة بالذاكرة وكيف ترى الزوايا والجدران والشارع. وتصوير يافا يثير فيّ الحماسة لأنّي من خلاله أحرّر المكان، وهذا مرتبط بفكرة نوع الإنتاج الّذي تقوم به. يستحيل أن أصنع فيلمًا يحرّر المكان وتمويله إسرائيليّ، ثمّة تناقض ضخم، أنا مدرك لواقع البلاد ولا أخوّن أحدًا، لكن في النهاية سيُنتج كلّ شخص سينما هو مسؤول عنها.
فُسْحَة: بوجود تمويل إسرائيليّ، هل يوجد دومًا سقف لا يستطيع المخرج اجتيازه؟
كمال: بالتأكيد، واليوم أكثر من قبل. كنت أفكّر اليوم في الفيلم الجديد الّذي سأصوّره في يافا؛ من خلال الكاميرا بالإمكان فعلًا إعادة الاعتبار لهذا المكان، ومن منظوري أنا أحوّله إلى مكان فلسطينيّ من خلال الشخصيّات وكيف تنظر إلى المكان وتبني السرديّة، مع أنّ المدينة تغيّرت في السنوات الأخيرة؛ ولهذا أخرجت "استعادة"، أردت أن أتحرّر وأصوّر في أمكنة غير موجودة اليوم. كيف أصوّر في يافا اليوم؟ هذا سؤال كبير بالنسبة إليّ. إذا كنتَ صريحًا ومتواضعًا في التعامل مع الصورة تصل إلى الناس بمشاعرها. مثلًا حينما عرضت الفيلم في الأرجنتين، كان يذكّر الكثير من الناس هناك بمدن أخرى، وهذا هو دور الفنّ في رأيي؛ كسر كلّ الحواجز. تعلّمت من تجربتي في "استعادة" أنّه كلّما كنت راديكاليًّا أكثر في طرحك للموضوع، للمكان، للرواية، كان أفضل، وليس العكس.
فُسْحَة: السينما الفلسطينيّة فيها تراجع ورتابة في العقد الأخير، عمّا كان متوقّعًا منها من توهّج في بداية الألفيّة، على مستوى نوعيّة السرديّات وجودة الأفلام. ما أكبر عائق في نظرك أمام حركة السينما الفلسطينيّة؟
كمال: المشكلة الأساسيّة النزول عند رغبة السوق الغربيّة لصورة فلسطين المختزلة وتوقّعاتها، والبدء بالمشروع السينمائيّ من هذا المنطلق لا من منطلقات مرتبطة بالتعبير الشخصيّ. كثير من الأفلام، حتّى تلك الّتي نجحت، لم يكن منطلق صنّاعها عميقًا، والمنطلق العميق وحده لا يكفي؛ يجب أن يكون ثمّة موهبة وتلاصُق حميميّ بموضوع الفيلم وشخصيّاته. كثير من الأفلام الفلسطينيّة الّتي أُنتجت في السنوات الأخيرة سطحيّ، وفيها عدم معرفة وعدم انغماس بالشخصيّات المكتوبة وبالواقع. بعض الأفلام الوثائقيّة أفضل من الروائيّة في هذه الفترة، ربّما تكون هذه مقولة صعبة. لم تُصنع أفلام روائيّة إلى هذا اليوم تعبّر عن التجربة الفلسطينيّة، سوى استثناءات سينمائيّة أصبحت تاريخيّة. ثمّة فيلمان أو ثلاثة، لكن إن رصدت النتاج السينمائيّ الروائيّ، فهو إنتاج لم تكن لديه القدرة على التعبير عن حالتنا بأدوات سينمائيّة.
فُسْحَة: هل مشكلة هذا النتاج في السرديّة والتنفيذ السينمائيّ؟
كمال: ثمّة عوامل عدّة، نقطة البداية خاطئة. أعطيك نموذجًا مثلًا عن مجموعة أفلام قصيرة من إنتاج "دار الكلمة" في بيت لحم، كان ثمّة أفلام قويّة عدّة لأنّ نقطة انطلاقها عضويّة، من المكان، مثل مخيّم الدهيشة في فيلم "أمبيانس"، أو عائلة تسكن في منطقة نائية ويهاجمها مستوطنون في فيلم "منطقة ج"، وكلاهما تصوير محلّيّ لإبراهيم حنضل. بالنسبة إليّ، مثل هذه الأفلام مع صغر التجربة لهؤلاء الشباب الجدد قويّة جدًّا، لأنّ منطلقها محلّيّ؛ إذ إنّ قسمًا كبيرًا من الأفلام الفلسطينيّة منطلقه غير محلّيّ، ولذلك علاقة بشكل الإنتاج؛ وهذا يُدخلك إلى متاهات كبيرة. أنا طبعًا لست ضدّ الشراكات في الإنتاج، لكن ثمّة فشل ذريع في قدرة الإنتاج السينمائيّ على أن يعبّر عن حالتنا، من حيث صعوبات التمويل، لكن ثمّة ضعف لدى الكثير من صنّاع الأفلام في معرفة الأدوات والقدرة على التخيّل، وانعدام الشجاعة في خوض تجارب غير سهلة، تُصنع بتكاليف أقلّ، لكن تعبّر عنّا. إنّ كلّ العوامل الّتي ذكرتها أسهمت في تحويل أفلام فلسطينيّة كثيرة إلى أفلام مليئة بالكليشيهات، ومرهونة باعتبارات ورغبات السوق الّتي ذكرتها، ومَنْ يصنع هذه النوعيّة من الأفلام ينتمي إلى طبقة معيّنة معرفتها بتفاصيل الحياة غير عميقة، ولن تجيد التعبير عنها.
فُسْحَة: ما تقوله يُخشى أن يقوله الكثير من العاملين في السينما في فلسطين...
كمال: سأزيدك قولًا، كثير ممّن صنعوا أفلامًا لا ينتمون فقط إلى طبقة اجتماعيّة معيّنة، لكن ينتمون إلى طبقة سياسيّة أتت مع أوسلو، وهذه الطبقة السياسيّة من غير الممكن أن تعبّر عن حالتنا بشكل نقديّ، وهي طبقة سياسيّة فاشلة في الأساس.
فُسْحَة: هل يعني ذلك أنّ الحالة السينمائيّة اليوم إفراز لحالة سياسيّة مثل أوسلو؟
كمال: تمامًا. ثمّة فساد سياسيّ أدّى إلى فساد سينمائيّ، حالة أوسلو ولّدت ثقافة هدّامة باستخدام المواضيع الفلسطينيّة بشكل انتهازيّ ليخدم سلطة معيّنة يستحيل أن تكون صريحة وعميقة؛ لذلك أُنتجت أفلام مشوّهة، وكثير ممّن يحاولون أن يصنعوا أفلامًا أتوا من منطلق الـ NGO؛ وهذه هي المأساة! ثمّة تجارب شخصيّة هنا وهناك أراها شبه خارقة لأناس موهوبين جدًّا، لديهم قدرة على الخروج من هذه المنظومة. هذا الفساد الفنّيّ مدمّر؛ لأنّه ينتقل من جيل إلى آخر، لكن في نظري وصل الآن إلى طريق النهاية؛ فلم يعُد لهذا الإنتاج سوق في العالم، ولم يعُد أحد معنيًّا بأن يرى فيلمًا عن فلسطين، وهذه الحالة في رأيي صحّيّة وجيّدة، إن أردت أن تصنع فيلمًا فعليه أن يكون بمستوًى فنّيّ رفيع، ويستطيع أن يتواصل مع العالم، سواء في فلسطين كان أو خارجها.
فُسْحَة: يجلس المخرج في قاعة انتظار لمقيمين مؤقّتين في برلين، يمسك شخص كتابًا عن "نظريّة النشوء والارتقاء"، همهمات وتمتمات في الخلفيّة، أرقام حمراء مضاءة، ونهاية غير متوقّعة تقول فيها المؤثّرات البصريّة الكثير عن معنى الإنسان في العصر الرقميّ. لفهم طريقة عملك في فيلم "جميعنا أتينا من هناك"، أسألك: ماذا جرى هناك بحقّ السماء؟ ما آليّة العمل في فيلم مدّته ربع ساعة، لكن فيه اختصار مكثّف لتاريخ بشريّ بأكمله، حالة ولادة وموت وإعادة ولادة، وتكثيف لمعنى الإنسان في هذا العصر بشكل قاسٍ وشاعريّ في نفس الوقت؟
كمال: هذا فيلم أنت تشاهده وليس فيلمًا يُكتب على الأوراق، لم أذهب إلى "مكتب دائرة الهجرة" بفكرة مبلورة، ذهبت إلى المكان لأنّني زرته ورأيت مشهدًا لمجموعة من الشيشانيّين في قاعة انتظار، يتمتمون بآيات قرآنيّة بصوت خافت في انتظار قرار إبقائهم أو ترحيلهم. صوّرت الفيلم قبل وصول اللاجئين السوريّين إلى ألمانيا، ووضعت المادّة جانبًا وتعاملت معها كمادّة أرشيفيّة، وتساءلت ما الّذي يمكن أن يحدث هناك؟ في أحد المشاهد تتساءل سيّدة عربيّة طاعنة في السنّ: ماذا يوزّعون هنا؟ ويجيبها شابّ عربيّ بأنّهم يوزّعون الأرقام. كانت في تلك المرحلة "نظريّة النشوء والارتقاء" تشغلني؛ لأنّي كنت أتأمّل وأتساءل عن هذه الحياة وكلّ هذا الانتظار في مكاتب الهجرة والترحيل! دعنا نعود إلى البداية، وعمليًّا ظهور الأرقام المضاءة باللون الأحمر، وتحوّلها إلى كريّات دم هي عمليًّا بدايتنا؛ هذه هي الفكرة. مثل كلّ الأفلام، تكون مرحلة المونتاج مرحلة إبداعيّة جدًّا، وأجرّب فيها الكثير، وهناك يحدث الفيلم.
فُسْحَة: أنت بصدد التحضير لسينما روائيّة؛ ماذا يمكنك أن تقول عن شكل ما تُحضّر له ومواصفاته؟
كمال: أعمل على مشاريع روائيّة عدّة. الوصول إلى مرحلة التفكير في التعبير عن نفسي بعمل روائيّ فكرة قديمة عمرها20 عامًا. قد تستغرب إن أخبرتك بأنّه كان لزامًا عليّ أن تتراكم هذه السنين كلّها، وأمرّ بكلّ التجارب والأمكنة والحياة الّتي عشتها، لتساعدني أن أكون أكثر تمرّسًا لدخول تجربة جديدة، بالتأكيد هي ليست جديدة كلّيًّا؛ لأنّ ثمّة جماليّات ستظلّ ترافقني في تعبيري الفنّيّ، لكن ما تغيّر رغبة التعبير عنها بشكل روائيّ، لوجود محدوديّة ما في التعامل مع الموادّ القريبة على الواقع والوثيقة والأرشيف؛ فمثلًا فيلما "استعادة" و"صيف غير عادي" ينتهيان بنصّ على الشاشة، وهو عمليًّا فيلم في ذاته؛ وبكلمات أخرى، ما لم أستطع أن أفعله بتلك النصوص أو المادّة نفسها، ينتظر تعبيرًا سينمائيًّا روائيًّا عنه. سأُبقي على استعانتي بغير ممثّلين، إضافةً طبعًا إلى ممثّلين محترفين. لديّ حماسة للتصوير مع كلّ خلفيّتي الفنّيّة. أعتبر أنّني بدأت الآن... هذا هو شعوري الطاغي.
باحث سينمائيّ وصحافيّ ثقافيّ، يكتب في عدد من المنابر الفلسطينيّة والعربيّة. يهتمّ بالسينما والدراما والموسيقى العربيّة، وتقاطعات السياق السياسيّ مع التعبير الصوريّ. أعدّ وقدّم برنامج 'كلاكيت فلسطين' على التلفزيون العربيّ.